بمجلس الشيخ المهندس سالم بن سلطان بن صقر القاسمي، رئيس دائرة الطيران المدني في رأس الخيمة، نظمت جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية مجلس اجتماعي سلط الضوء على البرنامج الوطني للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة "حياة"، مستعرض الإنجازات التي حققها منذ إطلاقه عام 2017.
شهد المجلس حضور عدد من الشخصيات البارزة والمتخصصين في المجال الصحي ومن مختلف أفراد المجتمع، حيث تمت مناقشة أهمية التبرع بالأعضاء، والتحديات التي تواجه عمليات الزراعة، والجهود الوطنية المبذولة لتطوير منظومة التبرع وزراعة الأعضاء داخل الدولة.
أكد المشاركون في المجلس أن البرنامج الوطني "حياة" نجح في تسجيل أكثر من 320 متبرع بأعضائهم بعد الوفاة منذ عام 2017، مما ساهم في توفير 1081 عضواً لإنقاذ حياة المرضى الذين تستدعي حالاتهم الخضوع لعمليات زراعة الأعضاء. كما شهدت دولة الإمارات زيادة بنسبة 30% في حالات التبرع بالأعضاء بعد الوفاة خلال عام 2024 مقارنة بعام 2023، حيث تم تسجيل 188 حالة تبرع بالكلى، و101 حالة تبرع بالكبد، و40 للرئة، و24 للقلب، و3 لزراعة البنكرياس.
ووفقاً للإحصائيات، بلغ عدد المتبرعين بالأعضاء بعد الوفاة 11.6 متبرع لكل مليون نسمة في عام 2024، مما يعكس نمو الوعي المجتمعي بأهمية التبرع ودوره في إنقاذ الأرواح.
خلال الجلسة، أشار الدكتور أمين الأميري، الوكيل المساعد لقطاع التنظيم الصحي في وزارة الصحة ووقاية المجتمع، إلى إدراج زراعة الأعضاء في القانون الجديد ضمن الوثيقة التأمينية، بحيث تغطي عمليات التبرع والمريض المستفيد من الزراعة. كما أكد أن الإمارات قطعت شوطاً كبير في هذا المجال، حيث أصبحت زراعة النخاع متاحة في بعض المستشفيات داخل الدولة، مع تطلعات لتعزيز استدامتها على نطاق أوسع.
كما سلط الأميري الضوء على أهمية اتباع نمط حياة صحي، والالتزام بالعادات الغذائية السليمة، وممارسة الرياضة، للوقاية من الأمراض التي تؤدي إلى فشل الأعضاء، مؤكداً أن التوازن النفسي والبدني له دور محوري في تعزيز الصحة العامة وتقليل الحاجة إلى عمليات زراعة الأعضاء.
من جانبه، أكد الدكتور علي العبيدلي، رئيس اللجنة الوطنية للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة، أن الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة أسهم في تحقيق البرنامج لنجاحات نوعية، حيث ارتفع عدد المتبرعين من 3 متبرعين عام 2017 لصالح 11 مريض، إلى 110 متبرعين خلال عام 2024، ما وفر 352 عضواً لإنقاذ حياة العديد من المرضى.
وأوضح العبيدلي أن الإمارات باتت نموذجًا إقليمياً وعالمياً في مجال زراعة الأعضاء، حيث اعتمدت الدولة سبعة برامج متخصصة لزراعة الكلى، وأربعة برامج لزراعة الكبد، وبرنامجاً لزراعة الأعضاء المتعددة، مما يعكس التزام الدولة بتقديم خدمات طبية متقدمة وفق أعلى المعايير الدولية.
أشار الدكتور العبيدلي إلى أن المتبرعين والمرضى المستفيدين من عمليات زراعة الأعضاء في الدولة ينتمون إلى 55 جنسية مختلفة، مما يعكس التزام الإمارات بنهجها الإنساني في توفير الرعاية الصحية للجميع، بغض النظر عن العرق أو الدين، وفقًا لمبدأ المساواة في التبرع بالأعضاء الذي أقرّه القانون الإماراتي.
ناقش المشاركون في المجلس التحديات التي تواجه زراعة الأعضاء عالمياً، حيث أكد الدكتور العبيدلي أن نقص عدد المتبرعين مقارنةً بالعدد المتزايد من المرضى المحتاجين للزراعة يمثل تحديًا عالميًا، مما يجعل تعزيز ثقافة التبرع أمرًا ضروريًا.
وأضاف أن الاعتماد على مصادر خارجية للحصول على الأعضاء ليس حلاً عملياً، إذ أن جميع الدول تواجه طلب متزايد على الأعضاء البشرية، مما يستدعي تعزيز الاكتفاء الذاتي في الدولة عبر تكثيف التوعية ببرنامج "حياة".
إجراءات جديدة لتنظيم التبرع بالبنكرياس والتوسع في زراعة الأعضاء
كشف المجلس عن خطوات جديدة لتنظيم التبرع بالبنكرياس، حيث نجحت الإمارات في إجراء عمليات زراعة لهذا العضو بنجاح، مما يفتح المجال لتوسيع الخدمات الطبية المتاحة داخل الدولة، وتقليل الحاجة إلى السفر للعلاج في الخارج.
كما أشار الدكتور العبيدلي إلى أن البرنامج الإماراتي للتبرع وزراعة الأعضاء صُنف كأسرع البرامج نموًا عالميًا خلال السنوات الخمس الأخيرة، وفق الجمعية العالمية للتبرع بالأعضاء والمرصد الدولي لإحصائيات التبرع.
التبرع بالأعضاء بين الحاجة والوعي المجتمعي
أوضح العبيدلي أن التبرع بالأعضاء يُعد حدثًا نادراً عالمياً، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 1% فقط من المتوفين يمكنهم التبرع بسبب ظروف الوفاة، مما يجعل نشر الوعي المجتمعي ضرورة قصوى.
ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة محمد بن راشد عام 2016، فإن 68% من سكان الإمارات أبدوا استعدادهم للتبرع بأعضائهم، مما يعكس تغيراً إيجابياً في مفهوم التبرع، لكنه يتطلب استمرارية برامج التوعية لضمان تحوله إلى ممارسة شائعة بين أفراد المجتمع.
مقترحات لدعم المرضى وتعزيز التبرع بالأعضاء
قدم سالم المفتول، عضو المجلس الوطني الاتحادي، خلال المجلس مقترح لإنشاء صندوق لدعم المرضى وعمليات زراعة الأعضاء، مع إشراك التجار والقطاع الخاص في دعم هذه المبادرات.
كما أشار خالد الشحي، مدير المكتب التمثيلي لوزارة الصحة ووقاية المجتمع برأس الخيمة، إلى أن عدد المسجلين في برنامج "حياة" بلغ 1523 شخص بنهاية فبراير الماضي، مع زيادة ملحوظة في عدد المسجلين أسبوعيًا، مما يعكس وعي الجمهور المتزايد بأهمية التبرع ودوره في إنقاذ الأرواح.
اختُتم المجلس بتأكيد المشاركين على أهمية تعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء كجزء من المسؤولية المجتمعية، ودور المؤسسات الصحية والإعلامية في نشر الوعي حول هذا الملف الإنساني.
كما شدد الخبراء على أن دعم القيادة الرشيدة وتطوير التشريعات ساهما في جعل الإمارات نموذجاً عالمياً في مجال زراعة الأعضاء، حيث أصبح بإمكان المرضى تلقي العلاجات المتقدمة داخل الدولة وفق أعلى المعايير الطبية.
وأكد المجلس أن التبرع بالأعضاء يعد أعظم أشكال العطاء، وهو فرصة لإنقاذ حياة الآخرين وتجسيد لمعاني الإنسانية والتكافل، داعيًا أفراد المجتمع إلى الانضمام لبرنامج "حياة" والمساهمة في بناء مستقبل صحي مستدام.