Page 5 - إشراقات اجتماعية - العدد 14
P. 5
تتعـدد أشـكال وأنمـاط التلـوث فـي وقتنـا المعاصـر ،والتي تؤثـر على نواحي متعـددة من حياة الإنسـان ،ومن
أشـهر أنواع التلوث التي اسـتحوذت على اهتمامات الحكومات والمؤسسـات والأفراد هو التلوث البيئي الذي
أفرزتـه النهضـة الصناعيـة والممارسـات المخلـة ،ومانتـج عن ذلك مـن تغيرات مناخية ومشـاكل صحية وتدهور
في جودة الحياة.
إلا أنـه بـرز فـي الآونـة الأخيـرة مايسـمى بالتلوث المعلوماتـي ،نتيجة للتطـورات الهائلة في تقنيـة المعلومات،
ووسـائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصال.والتلوث المعلوماتي هو نقيض الصفاء والنقاء المعلوماتي
حيث يفترض أن تكون المعلومة صادقة وموضوعية وتعكس الواقع الفعلي دون تشويه أو تحريف أو تزييف
أو تجريح أو تضليل .ومع انتشار مصادر ووسائل المعلومات أصبح هذا التلوث خطر ًا داهم ًا يهدد المجتمعات
ويزعـزع الأمـن والاسـتقرار ويخلـق الانحـراف فـي مناهـج التفكير ويطمس حقائـق التاريخ على نحو لم يشـهده
العالم من قبل .و إذا كان التلوث البيئي يهدد صحة وحياة الإنسـان وقدرته على العيش برخاء وسـامه ،فإن
التلـوث المعلوماتـي يهـدد هوية و كيان الإنسـان و إطاره الفكـري ويدفع إلى التصرف بل والتهور في التعامل
مـع القضايـا والمشـاكل التـي يتعـرض لها .ولا شـك أن التطرف والاعوجـاج الفكري الذي أصبح محـرك ًا لقرارات
وممارسـات بعـض الفئـات الضالـة ليس إلا إفرازًا للتلوث المعلوماتي ونتيجة مباشـرة لتأثيـر المعلومات الملوثة
علـى عقـول البعـض الذيـن لـم يدركـوا بعـد خطر هـذا التلـوث وتداعياتـه المدمرة علـى مسـتقبلهم وثقافتهم
وأوطانهم.
لقد أدركت دولة الإمارات وقيادتها الرشـيدة ضرورة التصدي لمثل هذا النوع من التلوث وسـ ّخرت الامكانيات
ووضعت الإسـتراتيجيات الوقائية والعلاجية وحشـدت الجهود على كافة المسـتويات لتطويق انتشـاره وتمدد
تأثيراتـه لحمايـة المواطـن مـن الانزلاق فـي مهاوي الضيـاع والانفلات ،وصيانة المكتسـبات وضمان اسـتدامة
الأمن والأمان والاستقرار والسلام.
وليس بغريب على أبناء المؤسـس الكبير ونحن نحتفل بمئويته أن يكونوا قد بنوا في أنفسـهم وفي منظومة
قيمهـم مـن التحصينـات مايعـزز حب الانتماء والولاء والعطاء والتسـامح لتجعلهـم قادرين على مكافحة كافة
أشكال التلوث المعلوماتي التي تسعى إلى النيل من تماسك هذا الوطن والاخلال بهويته وزعزتة التلاحم مع
قيادتـه لتسـتمر مسـيرة التنميـة إلى آفاق أرحـب .وإذا كان التلوث البيئي فرضتة المصالح المادية والممارسـات
الاقتصاديـة الجائـرة واللامبـالاة ،فـإن التلـوث المعلوماتي هـو صناعة مدبرة ومقصودة ولهـا أهداف معادية
وتسعى إلى التدمير المتعمد.