Page 37 - إشراقات اجتماعية - العدد 14
P. 37
ثاني ًا :الإيمان بالأهداف مع الإحساس بتحققها قبل أن تتحقق فعلي ًا
ينبغــي علــى صاحــب التفكيــر الإيجابــي أن يكــون مؤمنــ ًا بأهدافه ،شــاعر ًا بتحققها في ذهنه قبل تحققهــا على أرض الواقع .علــى افتراض أن
الأهداف تمت صياغتها بذكاء وصولًا لجعلها أهداف ًا ذكية (.)Smart Objectives
عندما نقرأ في ســير الأعلام والمتميزين ،نجد أن هناك قاســم ًا مشــترك ًا فيما بينهم يتمثل بأنهم وضعوا لأنفســهم أهداف ًا ذكية ،وآمنوا بها
إيمان ًا شــديد ًا ،مع تحدي كل من أحاط بهم من المتشــككين والمح ِبطين الذين لا ه َّم لهم ســوى توجيه نبال النقد اله ّدام نحو كل من يرونه
ســائر ًا فــي طريــق النجــاح .يضــاف إلى ذلك وجــوب تمتع صاحب التفكيــر الإيجابي بالقدرة علــى رؤية أهدافه وهي تتحقق فــي ذهنه ،وهذه
الصفة لا يمكن أن تتم إلا بعد الإيمان بتلك الأهداف ،لذلك فإننا نعتقد بأن الإحساس بتحقق الأهداف قبل التحقق الفعلي لها لا ينفصل
بأي شك ٍل من الأشكال عن الإيمان بتلك الأهداف .ول ّما كانت مسألة الإيمان بالأهداف تأتي في المقام الأول ،يه ّمنا جد ًا التنبيه إلى أهمية
قيام الإنسان بصياغة أهدافه بنفسه .وهنا نقول لا يوجد ما يمنع استشارة الآخرين من أهل الرأي أو أصحاب الخبرة ،ولكن الصياغة النهائية
للأهداف ينبغي أن تتم بشك ٍل شخصي؛ كي يتحقق الالتزام الذاتي بها لاحق ًا.
ثالث ًا :التمييز بين مفهومي انتظار الحظ الإيجابي وصناعة الحظ الإيجابي
الإنســان صاحب التفكير الســلبي يظل متقاعســ ًا عن العمل ،بعيد ًا عن الجد والاجتهاد؛ في انتظار حصول معجزة تنقله من واق ٍع ســيء إلى
واق ٍع جيد .أما الإنسان صاحب التفكير الإيجابي فلا يظل ساكن ًا ينتظر وصول سفينة الحظ إلى مينائه ،بل ينزل الميدان ويصارع الظروف حتى
يصل بإذن الله تعالى إلى تلك السفينة التي استهدف الوصول إليها ابتدا ًء ،فيكون بالتالي صانع ًا لحظ ّه لا منتظر ًا له.
إننــا هنــا نحفــز أنفســنا ،وفــي الوقــت نفســه نحفز جميــع الق ّراء علــى أهمية الأخــذ بجميع الأســباب المتاحة للتميــز ،بغية التمكــن من إحداث
التغييرات الإيجابية في حياتنا ،مع تجنب مشــاعر الإحباط إن لاقينا الفشــل عند محاولاتنا الأولى ،ودعونا ننظر إلى تلك المحاولات بوصفها
محطات على طريق نهايته تفتح لنا أبواب ًا نحو النجاح والتألق.
إن الأخذ بالأســباب يجب أن لا ينفصل عن مســألة التوكل المطلق على الله عزوجل ،فهو ســبحانه المص ّرف لجميع الأمور صغيرها وكبيرها،
علمــ ًا بــأن مصطلــح التــوكل مشــتق مــن الوكالة ،يقــال :و ّكل فلان أمره إلى فــان أي ف ّوض أمره إليــه واعتمد فيه عليه .فالتــوكل عبارة عن
اعتمــاد القلــب علــى المــ ّوكل ،ولا يتوكل الإنســان على غيــره إلا إذا اعتقد أنه يتمتع بصفات معينة ،مثل :القوة والقــدرة والإمكانية .ولنا أن
نقيــس ذلــك علــى التــوكل علــى الله عزوجل ولله المثل الأعلى ،فإذا ثبت في نفس الإنســان أنه لا فاعل ســوى مالك الملك ،واعتقد بذلك
تمام الاعتقاد ،اتكل قلبه عليه وحده لا محالة ولم يلتفت إلى غيره بأي وجه من الوجوه .والتوكل المطلق على الجبار ،هو مفتاح الخير كله،
مصداق ًا لقوله تعالى في محكم التنزيلَ “ :و َمن َي َت َو َّك ْل َع َلى ال َّل ِه َف ُه َو َح ْس ُب ُه ِإ َّن ال َّل َه َبا ِل ُغ َأ ْم ِر ِه َق ْد َج َع َل ال َّل ُه ِل ُك ِّل َش ْي ٍء َق ْدر ًا” (الطلاق .)3 /
عزيــزي القــارئ ..فــي ختام المقال ،يســرنا أن نبســط لك الأمور ،ونمنحــك المختصر المفيد في التطبيق العملــي للتفكير الإيجابي ،وذلك
من خلال مجموعة النقاط التالية:
.1و ّثق صلتك بالحي الذي لا يموت.
.2ث ْق بأهدافك وآمن بها واشعر بتحققها في ذهنك قبل تحققها الفعلي في عالم الواقع.
.3خذ بأسباب التميز من دون الاتكال على تلك الأسباب ،ذلك أن التوكل الوحيد والمطلق يجب أن يكون على الله عزوجل وحده .واعلم بعد
كل ذلك أن الشخص الإيجابي حق ًا هو من يعي ويدرك أن أم َره بين يدي من أم ُره بين الكاف والنون ،فلا تجزع ولا تقلق ولكن ابتسم واجتهد.
العدد الرابع عشر -يوليو 37 2018